الأحد، 3 يوليو 2011

إعلان هام



شرح كتاب الطهارة من الفقه الميسر
تردد في بعض المواقع والمنتديات أنباء عن استضافة شيخنا محمد سعيد رسلان - حفظه الله - على قناة الأثر الفضائية, وبث دروس مرئية له عليها, وبسؤال الشيخ - حفظه الله - عن ذلك؛ تبيَّن أن تلك الأنباء عارية عن الصحة تمامًا جملةً وتفصيلًا, ومنعَ - حفظه الله - من نشر دروسه صوتيةً كانت أو مرئيةً على القنوات الفضائية؛ وعليه: فإن أية قناة فضائية - كانت قناة الأثر أو غيرها - تقوم بنشر دروس مرئية أو صوتية لشيخنا - حفظه الله -؛ فلا تكون في حِلٍّ أمام الله عز وجل يوم القيامة, والله من وراء القصد

الخميس، 30 يونيو 2011

الحزبية هى الفتنة فاعرفوها

.السؤال الأول : ما هى مرجعية المسلمين إذا ما اختلفوا فى شىء ؟
قال الله تعالى: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }النساء- (59)

وقال عز وجل    {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.النساء- (83)
قال النبى r (إنى قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه ) صحيح الترغيب والترهيب للألبانى
فالأمر الرباني هو: أن نرد كل خصومة ونزاع إلى الله ورسوله (أى إلى كتاب الله وسنة رسولهr). و حينئذ تزول الخصومة ..السؤال الثانى: هل وضَّح الشرع الأغر طريقة الدعوة إلى الله ؟
قال الله تعالى:{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ }.النحل-  (125)
 قال ابن جرير: [هو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة ].
فالدعوة إلى الله لاتكون إلا بالعلم النافع والعمل الصالح  .
وقال النبى صلى الله عليه وسلم( العلماء ورثة الانبياء ) رواه ابو داودقال الشيخ الألباني : صحيح .
  فكانت الدعوة تقوم بالانبياء ومن يقوم بها بعد هم العلماء بسبيل واحد  وهو الامر بالمعروف والنهى عن المنكر  بالعلم النافع والعمل الصالح . (هذا هو المنهج الصحيح والصراط المستقيم فى الإصلاح)
.السؤال الثالث: هل الدعوة إلى الله تتغير بتغير الأحوال؟
قال النبى r (من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أخرجه مسلم
قال مالك بن أنس : [لن يصلح أخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها]
 قال الشيخ ابن باز معلقاَ : من أراد صلاح المجتمع الإسلامى أو صلاح المجتمعات الأخرى فى هذه الدنيا بغير الطريق والوسائل والعوامل التى صلح بها الأولون فقد غلط ،وقال غير الحق .فالدعوة لا تتغير بتغير الأحوال .
.السؤال الرابع: هل كلفنا الله بتحقيق النتائج فى الدعوة إلى الله؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (( عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد)) قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري
. فلم يكلفنا الله رب العالمين بتحقيق النتائج ولكن كلفنا بالتزام الشرع .

.السؤال الخامس: هل الدعوة الى الله تقتضى إنشاء الجماعات والأحزاب؟
قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}سورة النساء-(159) . قال القرطبى فى تفسيره: (أى فرقا وأحزابا).
 وقال تعالى { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } سورة الروم –(32)
 وقال صلى الله عليه وسلم : (لا حِلف في الإسلام) متفق عليه.
فالتحزب والتفرق حرمَّه الله فى كتابه وفى سنة رسوله rولم يكن الله عز وجل لينصر دينه بما حرَّمه .
.السؤال السادس:ما موقف العلماء الربانيين من الجماعات والأحزاب ؟
بناءاًعلى ما تقدم من إدلة قاطعة على حرمة التحزب والتفرق فى الدين فإن العلماء الربانيين فى كل زمان ومكان يحذرون من  التحزب ويحاربون التحزب والتفرق بكل ما أوتوا من قوة لأنه سبب فشل و تنازع الأمم وذهاب ريحها قال الله عز وجل { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين} .الأنفال-(46) .
إليك هذا المثال :
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى :(ليس فى الكتاب ولا فى السنة ما يبيح تعدد الجماعات والاحزاب ، بل إن فى الكتاب والسنة ذماً لذلك ،قال الله تعالى { فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }المؤمنون-(53)ولا شك أن [تعدد] هذه الأحزاب ينافى ما أمر الله به ، بل ما حثَّ عليه فى قوله تعالى { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } الأنبياء :92 . أ هـ كتاب الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات .
وللإستزادة من فتاوى العلماء فى ذلك راجع إن شئت (حكم الإنتماء للفرق والجماعات الإسلامية ) للشيخ بكربن أبى زيد –رحمه الله – عضو هيئة كبار العلماء .

.السؤال السابع : ما موقف الذين يدعون العلم من الجماعات والأحزاب؟
يدعون إلى التحزب باسم " مصلحة الدعوة " والله رب العالمين لم يجعل فيما حرَّم مصلحة ولم يجعل فى مخالفة سنة النبى r نصراً للمسلمين بل إن مخالفة سنة النبى r لا تأتى إلا بالوبال والشؤم فمصلحة الدعوة لا تكون إلا فى لزوم شرع الله وسنة رسوله r .
فالشرع كما ضبط الغاية ضبط الوسيلة أيضا ً .
.السؤال الثامن : ما الموقف الصحيح للمسلم من فتنة التحزب؟
عليك بوصية النبى r لحذيفة –رضى الله عنه- قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" متفق عليه .
فالتزم (منهاج النبوة ) فى الكتاب والسنة علما ً وعملا ً ، واعتزل الفرق (الأحزاب والجماعات ) فينجيك الله رب العالمين من فتنة التحزب .
  ونسأل الله العظيم أن ينجينا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

السبت، 25 يونيو 2011

مصطفى العدوي وعقدته مع الشيخ الألباني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردت أن أفرد بعض النقول في شأن الشيخ العدوي لأن له أمرا خاصا، فقد تميز بموقفه من الشيخ الألباني، ولا يوافقه عليه الكثير الكثير الكثير من العلماء، وهذا أمر صار معروفا عند كل المشتغلين بالحديث، ولو توبع على موقفه لصار لزاما علينا إسقاط الشيخ الألباني من صف العلماء، بل من طلاب العلم، ولو جمعنا تعقباته على الشيخ لبدى لنا الألباني رجلا لا يمكن الوثوق بعلمه وكتبه وتصحيحاته وتضعيفاته، وهذا أمر لم يقل به أحد من العلماء، بل ولا من أكثر أعداء الشيخ أنفسهم.

وقد سألت الشيخ رزق طرهوني عن هذا الموقف فقال لي ما معناه أن الذي يظهر أن العدوي قد سبق له في أول طلبه للعلم أن تعقب الشيخ الألباني بانتقادات فرد عليه الشيخ بكلام لم يعجبه فبقي في قلبه من ذلك شيء فدفعه لاتخاذ موقفه المعروف من الشيخ الألباني، وهو لا يعدو أن يكون في صفوف تلامذة العلامة الألباني. انتهى معنى كلام الشيخ طرهوني.

وكتب صهره أحمد إبراهيم بن أبي العينين في مقدمة تحقيقه لكتاب " آداب حملة القرآن " للنووي، ص 7، طبعة دار الآثار سنة 1424 هـ ، الذي اطلع عليه الشيخ مقبل بن هادي - رحمه الله - وقرظه ، أنه كانت جلسة بينه وبين العدوي حضرها جماعة من أهل العلم وعهدوا إليه أن يكتب اعتذارا صريحا عن كل إساءاته للشيخ الألباني - رحمه الله - وقَـَبِـل منهم ذلك، ولما أخرج كتابه المسمى بـ " الترشيد " لم يف بعهده ولم يعتذر ولم يجب عن ما في كتاب " الانتصار " إجابة مباشرة .... ". انتهى.

وقد لاحظت في مجموعة من طلبة العلم أنه قد انتشر فيهم بغض شديد للشيخ العدوي، بل منهم من عمل جردا لمكتبته فتخلص من كل كتبه التي سبق له أن اشتراها، بل هم بإحراقها لكي لا تقع في يد أحد فيرى فيها الطعن في الشيخ، فلما سألت عن سبب هذا البغض قيل لي:

ومعروف لدى المشتغلين بالحديث أن العدوي يكاد لا يرُد على أحد سوى الشيخ الألباني ، بل لم يفرد أحدا سواه بالتعقب والانتقاد، ولم يخل كتاب من كتبه - بل ومن كتب تلامذته - من تعقب وتخطئة للشيخ الألباني، تصريحا أو تلويحا، ولا يعرف في وسط طلاب العلم أحد بهذا سوى الشيخ العدوي، وكأن الساحة خلت من المتصوفة والمبتدعة والشيعة ومنكري السنة والحزبية .. الخ .. فلم يعد في الساحة ممن يهدد الإسلام - عند العدوي - سوى الشيخ الألباني.

وهذه أمثلة من أقوال العدوي في الشيخ:

- قال في كتابه " شرح علل الحديث " في السؤال رقم 155 : " ... ووجه ذلك أنه يصحح الحديث في كثير من الأحيان بناء على صحة الإسناد فقط، ولا ينظر إلى أوجه إعلاله، وأحيانًا يصحح الحديث بمجموع الطرق وكثرتها مع شدة ضعفها ، والله تعالى أعلم. انتهى.
هذا علما أن الحكم على الحديث من خلال الإسناد فقط صنيع لا يقبل - بل لا يتصور- من طويلب علم صغير مبتدئ في علم الحديث، فكيف بشيخ شهد له علماء الأرض بعلو الكعب في الحديث، وهذا طعن في منهج الشيخ الحديثي، وليس مخالفة له في بعض الأحاديث، إذ لو كان الأمر كذلك لهان، الشيء الذي يشكك - بل يسقط - كل أعمال الألباني.
ولو سلمنا - بناء على هذا - بسقم منهج الألباني الحديثي فهل يكون قد غاب ذلك عن كل كبار العلماء أمثال ابن باز والعثيمين وحماد الأنصاري ومقبل بن هادي وغيرهم - رحم الله الجميع - ؟؟ ذلك طعن فيهم جميعا وفي كل من أثنى على الألباني ودل عليه.
- قال في كتابه " الجامع لأحكام النساء " : .... وهذا فقه سقيم من الشيخ الألباني .... " .
- قال عن الشيخ في كتابه " مفاتح الفقه في الدين " ص 31 وكتاب " المؤنق " ص 32 : بأنه محروم الأجر لقلة فقهه.
- كتابه " الترشيد " الذي ألف خصيصا لإفراد الشيخ بالرد : كله مملوء بمثل ما سبق.

هذا وقدكنت قد تتبعت تحقيقا لأحد تلامذة العدوي لكتاب " رياض الصالحين " ، وقد راجع العدوي هذا التحقيق وأقره، فوجدته يخالف الشيخ الألباني تقريبا في نصف الكتاب، فعجبت لذلك جدا، لأنه لو فرضنا - جدلا - أن الشيخ الألباني يخطئ في الحكم على نصف أحاديث رياض الصالحين لكان بذلك أبعد الناس عن العلم والتحقيق، وهذا لا يقول به أحد.
بل وحتى في مقدماته التي يكتبها لتلامذته في مؤلفاتهم يكاد لا يترك الفرصة تمر دون انتقاد للشيخ، ولو تلميحا.

**************************************

سئل أحد أقران العدوي: أنـت قرأت الكثير عن الشيخ ناصر حفظه الله ، كتبوا عنه ، سواء من الموافقين والمخالفين ، المقلدين والمعادين، فـما هو تـصنيفك للذين كتبوا عن الشيخ وردوا عليه .. عموما، يعني هل تستطيع أن تصنفهم لنا على ضوء مثلا كتاب ......
ج : بالنسبة لغالب الذين ردوا على الشيخ ردودا مفردة، إما مبتدع، أو موافق للشيخ، فدعنا من المبتدع، فهذا حاقد ويهمه أن يُبَيِّنَ أنَّ الشيخ ليس على شيء من العلم، لكن الكلام يبقى بالنسبة للمُعَظِّم للشيخ، والذي ينتقده ويقول " حفظه الله " ، فأنا أرى أن كل الردود التي صدرت في الرد على الشيخ – حفظه الله – الغالب عليها الضعف، ما هي بمتانة، ما هي متينة، وإن كنت لا أجحد أن فيها شيئا من الصواب، لكن الغالب عليها الضعف، وتجد أن أغلب الذين ردوا على الشيخ إما حدثاء الأسنان، وإما قد يكون بعضهم من أهل الفضل والعلم، لكن لم يأتي بحجة تقطع تصحيح الشيخ أو تضعيفه، فما هناك رد حتى الآن يمكن أن يرفع له رأس جملة. ( كلام مع غير مسموع السائل .. وضحك ). أنا قلت قبل ذلك إن كتاب " النظرات " كتاب ضعيف في الجملة، وإن كان لا أجحد - كما قلت - أن فيه شيئا من الصواب، لكن الخطأ أكثر بكثير من الصواب، و .. هذا جواب إجمالي أيضا .. لما الشيخ يخطئ في كل مائة حديثٍ في سبعة عشر حديثا، هذا يعني أن الشيخ لا يفقه شيئا، لوْ وجدوا 17 حديثا ضعيفا في الخمسة آلاف حديث، أنا أستكثرهم على الشيخ. علماء الحديث، مثلا شريك بن عبد الله النخعي، كان يحفظ مئات الألوف من الأحاديث ، وأخطأ في 400 حديث فقط، فقال فيه العلماء : سيئ الحفظ ، كم تساوي 400 حديث في مئات الألوف ؟ أما كان يغتفر له 400 حديث ؟ لا، هذه كثيرة جدا عند علماء الحديث، 400 حديث .. خطأ شديد، قتيبة بن سعيد كان يحفظ مائة ألف، ما قالوا إنه أخطأ إلا في حديث واحد فـقط، حديث في جمع التقديم، حديث معاذ بن جبل، وقالوا إنَّ ـــ أدخله على الليث بن سعد، والمسألة فيها نظر كبير. فـأربع مائة حديث في مئات الألوف يستعظمونه، فلما يجعلون في المائة حديث الأولى 17 حديثا ضعيفا، تكون منزلة الشيخ في الحديث صغيرة، ما له باع ولا ذراع ولا حتى شبه في علم الحديث. فأنا أرى أن كتاب النظرات حصل فيه نوع من التسرع في إخراجه، وكان الأولى عدم إخراج هذا الكتاب. وقلت لمن قابلني ممن لهم اختلاط بالذين كتبوا الكتاب، وبعض الذين كتبوا الكتاب هو الأخ مصطفى العدوي، وتربطني به علاقة طيبة ، وهو أخ فاضل، لكن أنا أرى أنه تورط في إخراج هذا الكتاب، يعني ما كان ينبغي له - مع علمه وفضله - أن يخرج هذا الكتاب.
قلت: أرى أنه من السياسة الشرعية عدم إفراد ردود على علماء السنة في هذا العصر، لأنه الآن، هذه الأحاديث التي خالف فيها الشيخ الألباني .. سائغٌ أن أسكت عنها أم لا ؟ سائغ .. لأن هذا ليس من الأشياء التي يقال فيها: لا بد من إظهار الحق ، لأن هذه مسألة اجتهادية . إذا كان يسوغ السكوت عن مثل هذه الأخطاء ، فالأولى السكوت، لاسيما وأهـل البدع قاموا بِقَضِّهِمْ وقَضيضِهِمْ على أهل السنة يريدون هدمهم, العوام لا يتحققون بشيء ، فإذا رأوا سيول أهل البدع يهاجمون أهل السنة، ورأوا بعض أهل السنة ممن ينتمون للمنهج يهاجم الشيخ أيضا، يقولون: فعلا ..طيب ، هذا من المبتدعة .. حاقد.. لكن .. هذا حاقد ؟ الذي يمشي مع الشيخ، ويقول بنفس دعوة الشيخ، وعلى منهج الشيخ وعقيدة الشيخ، هذا حاقد ؟ سلَّمنا أن المبتدع حاقد، لكن هذا ليس بحاقد. فلذلك تقل منزلة هؤلاء العلماء في نظر كثير من الذين ينتسبون إلى أهل السنة، وكما وَسِعَ الحافظ ابن حجر أن يسكت عن أخطاء الهيثمي في " مجمع الزوائد "، يَسَعُنا أن نسكت عن أخطاء الشيخ .. لا أقصد : نسكت بإطلاق .. لا نفرد ردودا، ولكن إذا جاءت مناسبة لتصحيح الخطأ نصححه في مكانه ، يعني مثلا: أنا أُخَرِّجَ كتاباً، و مَرَّ بي الحديثُ ، وأنا انفصلت على أنه ضعيف، والشيخ صححه، أقول – وبعدما أفرد الحجج بالتضعيف - : وقد صححه فلان الفلاني في كذا وكذا، وما تقدم من التحقيق يرده. وانتهيتُ. بذلك أنا قلت رأيي وانتقدت الشيخ، لكن في موضعه ، فلا يصل إلى هذه الموضع إلا أهله ، الذين هم مهتمين بالتخريج ونحوه ، وغالبا ما يكون في المهتمين بالتخريج من يُقَدِّر هذه المسألة ، ويقول : هذه مسألة خلافية . لكن إفراد كتاب في الرد على فلان وفلان في مسائل يسوغ السكوت عنها .. أنا أرى من السياسة عدم سلوك هذا المسلك، والحافظ ابن حجر – كما ألمحت آنفاً – لما نظر في " مجمع الزوائد " لشيخه الحافظ نور الدين الهيثمي وجد أخطاء كثيرة، فبدأ يتعقب الهيثمي في بعضها، قال الحافظ ابن حجر: فبلغه – أي الهيثمي – ذلك، فشق عليه، فتركته رعاية له. يعني ترك التعقب على الهيثمي رعاية لشيخه، لأن هذه المسائل - طالما هي مسائل اجتهادية - مما يسوغ السكوت فيها، فالحقيقة أنا أتمنى أن يتفهم إخواننا هذا الكلام ، وأرجو – إذا وصل هذا الشريط لأحد منهم – إن لا يؤلف شريطا في الرد علي على هذه المسألة، ويقول: هو يريدنا أن نسكت عن أخطاء الشيخ، وهذه محاباة .. ، أنا لا أقول لك أن تسكت عن أخطاء أحد، بل أقول: نصحح الخطأ في مكانه، وما هنالك داعي لإفراد ردود على علماء السنة، لاسيما مع قيام أهل البدع ضدهم، حتى لا نلبس على العوام. والله أعلم. انتهى.


*******************************

قال صهر العدوي وأعرف الناس به ابن أبي العينين في كتاب (( تصويب الأسنة لصد عدوان المعترض على الأئمة )) الملحق بكتاب (( القول الحسن في كشف شبهات حول الاحتجاج بالحديث الحسن )) (ص 237-243). طبعة مكتبة أنوار مكة بالقاهرة - الطبعة الأولى – 2004.

ا... لقد قام الشيخ مصطفى بن العدوي بتأليف رسالة سماها ((نظرات في السلسلة الصحيحة)) ، انتقد فيها سبعة عشر حديثاً من المائة حديث الأولى من السلسلة الصحيحة، والانتقاد للوصول للحق أمر مطلوب شرعاً، إلا أنَّ إخراج مثل هذه الانتقادات مجموعة [1] يفتح باباً لأصحاب الأغراض الدنيئة ممن يحلو لهم تنقص أهل العلم، والظهور على أكتافهم، ولئن ساءني هذا الصنيع من الشيخ مصطفى، إلا أن الذي زاد الطين بلة ما صدَّر به هذه الرسالة برمي شيخنا الألباني رحمه الله بالتساهل [2] ، ثم توالت ردوده وتعقباته للشيخ رحمه الله دون غيره، وظهر منه تنقصه الشديد للشيخ - رحمه الله -، فمن ذلك وصفه له بـ ((صاحب الفقه السقيم )) وذلك في كتابه المسمى بـ ((المؤنق )) طبعة مكتبة الحرمين للعلوم النافعة (1409 هـ - 1989 م) - ثم أعادها في الكتاب نفسه في طبعة أخرى، ثم أعادها فيما سمَّاه بـ ((مفاتيح الفقه في الدين )) طبعة دار أهل الحديث بالرياض (عام 1414 هـ - 1994 م) - ثم أعادها فيما سمَّا بـ ((التسهيل لتأويل التنزيل )) طبعة دار ابن رجب بفارسكور (عام 1418 هـ - 1997 م)، ثم أعادها في كتابه ((أحكام النساء )) طبعة دار ابن عفان (عام 1420 هـ - 2000 م ).
فهكذا قد أعاد الطعن الشديد، والسب البذيء للإمام المجدد الألباني - رحمه الله - في خمسة مواضع متفرقة، وفي خمسة أوقات متفرقة، مما يدل دلالة واضحة على قصده هذا التنقص الشديد، وينفي كونها زلة انفلتت منه بغير قصد، ومما يؤكد قصده وتصميمه على التنقص، أن الأخ الفاضل الشيخ ساعد بن عمر غازي قد نصحه بأن يحذف هذه الكلمة إذا أعاد طباعة كتاب ((مفاتيح الفقه في الدين ))، فوعده بحذفها إذا أعاد طباعة الكتاب، فلمَّا همَّ بطباعة الكتاب طلب منه الأخ عبد الله محمد حيدر صاحب مكتبة صنعاء الأثرية كمية من هذا الكتاب شريطة أن يحذف هذه الكلمة، فوعده بحذفها، ثم طبع الكتاب مرة أخرى، ولم يكتف بخلفه الوعود السابقة بإثباته تلك الكلمة البذيئة، حتى أضاف إليها في الطبعة الثانية لكتاب (( مفاتيح الفقه في الدين )) - طبعة مكتبة مكة بطنطا (عام 1420 هـ - 2000 م) - أضاف إليها قوله : (( أما النظر إلى متن حديث واحد وسند واحد، وإهمال ما سوى ذلك، فيورث فقهاً شاذاً منبوذاً. فغريب أمر رجل يفطر يوم عاشوراء والمسلمون صيام، لكون يوم عاشوراء وافق عنده يوم سبت، ولا يحل له بزعمه أن يصوم يوم السبت !! وكذلك غريب أمر رجل ليس بحاج والناس من حوله يوم عرفات صيام وهو مفطر!! أليس هذا بمحروم الأجر والثواب لقلة فقهه )) انتهى.
هكذا وفي أمور أخرى عظيمة قد ذكرتها في كتابي ((الانتصار)) إلى أن أعلن عن مشروعه الكبير ((النظرات في كتب الشيخ ناصر )) في كتابه ((أحكام النساء)) (1/40) [3] ، وذلك في هجوم متواصل لا هوادة فيه، وما وجدت من يقوم بردعه وإثنائه عن تعديه المفرط على ذلك الإمام المجدد، فلما طال الأمر توكلت على الله عز وجل، وقمت بالرد عليه في كتابي: (( الانتصار للحق وأهل العلم الكبار، والرد على من رمى الشيخ الألباني رحمه الله بالتساهل )).
وكان لا بد من بيان دوافع موقفه ذلك من الشيخ، وهل هو خاص بالشيخ أم أنها ظواهر متعددة لدافع واحد في نفس المتعدي، ثم لكون المتعدي قد جعل نفسه حاكماً على كبار أهل العلم، حيث طرح على نفسه سؤالاً فيما سمَّاه بـ (( شرح علل الحديث )):
ما درجة الشيخين الفاضلين أحمد شاكر وناصر الألباني في تصحيح الأحاديث من ناحية التساهل أو التشدد ؟ ثم أجاب بوصفهما بالتساهل [4] ، فكان لزاماً عليَّ أن أبين هل منزلة المتعدي تؤهله للحكم على أهل العلم أم لا ؟
فما أن خرج الكتاب وكشف كثيراً من خبيئة الرجل، وكان مقصودي هو ردعه عن تعديه على أهل العلم والدعاة إلى الله، وبيان الحق لطلاب العلم. ولما كان الرجل له تعامل واسع مع المكتبات ودور النشر، فإن أصحابها امتنعوا عن نشر الكتاب تقريباً، ومع أنني كنت أريد نشر الكتاب، إلا أنني ما أحببت أن يكون في متناول العامة، حتى لا أزج بهم في مثل هذه الأمور التي قد يكون ضررها عليهم أكثر من نفعها، وأما المتعدي فإن موقفه كان على العكس تماماً، فإنه لم يتكلم مع طلاب العلم عن الموضوع بكلمة واحدة، مع أنني كنت قد نقلت عن بعضهم أخباراً عنه، فيها إدانة له، فلم يراجعهم بكلمة، وإنما راح يخاطب العامة - وعلى المنبر يوم الجمعة - ويعلقُ على الكتاب وصاحبه، فاضطررت إلى إيضاح القضية للعامة، فأخرجتُ شريطاً فيه ملابسات الأمر، فكان له وقع جميل عند العامة، وبدءوا يتفهمون القضية.
فلمَّا رأى المتعدي أن العامة سيفهمون الأمور، توقف عن التعليق تماماً [5]، ثم جمعني به - أعني هذا المتعدي على أهل العلم - مجلس يضم طائفة من أهل العلم، وطالبتهم بمناقشة كتاب ((الانتصار)) فما كان فيه من حق ننصره جميعاً، وما كان فيه من خطأٍ أتراجع عنه، فرأيت منهم رغبة في المحافظة على مكانة الرجل، على أن يُنْصِف الشيخَ باعتذار صريح منه عن جميع إساءاته له، وتعاهد بوقف الردود بيننا، فلم يلتزم المتعدي بشيء من ذلك، وأخرج كتابه ((الترشيد)) الذي كان المقصود منه تحسين صورته، والنيل مني بالطرق الملتوية، فأوهم أنه في كل مواقفه مع الشيخ لم يكن قاصداً إلا الانتصار للحق، وليس فيها انتقاص له، ومن ادَّعى عليه خلاف ذلك، فقد وجَّه كلامه على غير وجهه اللائق به، وهو أيضاً متصف بضرب من ضروب الجهل، ونوع من أنواع الغباء، وسالكٌ سبيلاً من سبل بث الشقاق والفرقة بين المسلمين ... إلخ.
ومحا من كتابه ((المؤنَّق)) الذي ضمنه ((الترشيد)) بعض طعونه في الشيخ دون أن يعترف فيها بخطأ، وأبقى طعناً شديداً، يبقى معه له الباب مفتوحاً لمعاودة الكَرَّة حين تسنح له فرصة، وذلك حين أبقى وصفه لأخطاء الشيخ بأنها لا تكاد تُحصى، بل قد صرَّح بأن شذوذات الشيخ - على حد زعمه - ليس مجال ذكرها الآن، وذلك حين قال في (( ترشيده )):
((هناك عشرات من المسائل الفقهية التي تفرَّد بها الشيخ رحمه الله تعالى، وليس المجال هنا مجال ذكرها)). وذلك يعني أنه حين يرى لها مجالاً سوف يذكرها. فرددت عليه بكتابي: ((التفنيد لكتاب الترشيد)) فبيَّنتُ فيه طرقه الملتوية وتناقضه في دفاعه عن نفسه بكل سبيل، حتى صار كتاب ((الترشيد)) وصمة لا يمكنه التخلص منها إلا بالتراجع عنه، فسكتَ تماماً بعدها، وكأن شيئاً لم يكن، ووقفت هجمته على الشيخ ، وخفت حدتها كثيراً على غيره، لكن أين تصرف هذه الطاقة الموجهة للنيل من الآخرين، لم يعد لها موضع إلا هذا الذي اعترض مسيرته، لكنه لم يعد يقدر على الرد المباشر، فلا بد من سبل أخرى: فوجدنا طالب علم - أحسب أن فيه خيراً - وهو من المتكلمين، فإذا به يصعد منبر المتعدي في يوم جمعة، ويردد دفاع المتعدي عن نفسه الذي في ((ترشيده))، فلما بلغه أن الكلام وصلني جاءني واعتذر، وطلب المسامحة فسامحته لِما أرى فيه من الخير، ولما أُعلم أن القضية دخيلة عليه كما أجاب هو بعض من عاتبه على مثل هذا الموقف فقال: (( إن للشيخ مصطفى عليَّ فضلاً )).
وكم يصدق على هذا ما قاله كُثَير عزة في زوجها حين كلفها بشتمه:

يكلفها الخنزير شتمي وما بها هواني لكن للمليك استزلـت
هنيئاً مريئاً غير داء مخامر[6] لعزة من أعراضنا ما استحلت

ثم ما مرت إلا مدة يسيرة وإذا بآخر، واسمه ((محمد فريد)) من القاهرة، وهو ممن يحسنون الكلام أيضاً، فصعد المنبر يوم الجمعة وتكلم عن الإصلاح بين الناس، ثم عرج على القضية، وهاجمني بكلام شديد، حتى حام حول تكفيري [7] والعياذ بالله، وكان سرده للقضية واضحاً جداً أنه يعنيني، حتى إن بعض إخواننا ممن لا يحسنون القراءة سبـَّه، وهمَّ أن يسحبه من على المنبر، وحدث بين الناس بعد الصلاة خلاف شديد، ثم أتى به بعض المحبين للشيخ مصطفى إليَّ لتهدئة الأمر، ومساعدة المسمى بـ (( محمد فريد )) للخلاص من هذا الموقف، واجتمع عندي ثمانية من الإخوة غيري وغير هذا الشخص:
- فقلت له: لماذا تدخل نفسك يا أخي في هذا الأمر؟
- فقال: أنا ما عنيتك بالكلام.
- فقلت له: تقسم بالله أنك ما عنيتني؟ فامتنع تماماً عن القسم.
- فقلت له: أنا أعرف أن لك موقفاً من القضية التي بيني وبين الأخ مصطفى.
- فقال: أنا لا أنكر أنني أعتبر أن هذه الكتب (يعني الانتصار والتفنيد) منكر يجب إنكاره.
- فقلت له: هل قرأت الكتابين ؟
- فقال: لم أقرأهما !! لكنني أشهد أن الحرب - هكذا قال - من جهة واحدة ، وأن الشيخ مصطفى قلبه سليم من جهتك، [8] ثم إن الشيخ مصطفى يدعو، وتشويه صورته يضر بالدعوة.
- فقلت له: أيهما يقدَّم: الشيخ الألباني أم الشيخ مصطفى ؟
- فقال: أنا لا أقارن بين فضيلة الشيخ، والألباني [9] .
فعندها قال له صاحبه الذي جاء يناصره: كان ينبغي عليك ألا تتكلم قبل أن تقرأ الكتابين، ولما تكلم عن شيخنا الألباني - رحمه الله - بهذه الطريقة قطعت الحديث معه، وأخرجته، ثم كلمت بعض إخواننا أن يراجع الشيخ مصطفى حتى لا نزج بالعامة في مثل هذه الأمور، فكان جوابه [10] أنه ليس له دخل بالمسألة. فقالوا له: إن هذا مقيم عندك وتكلم على منبرك، فأصر على عدم اتخاذ موقف، فاضطررت مرة أخرى للحديث مع العامة من خلال الأشرطة، ووعدت بشرح كتاب ((الانتصار))، فلما علم ذلك، إذا بهذا الشخص يأتي ويحلف عليَّ أنه ما قصدني ولا خطر بباله أن الكلام سيفهم على قضيتنا -فليتأمل القارئ هذا في كلامه في الحوار الذي سقته آنفاً! -.
وما مرت إلا أيام قليلة إلا وقد تهوَّر هذا الشخص بكلام تسبب له ولصاحبه في بلاء، وضُمَّ المسجد بسببه للأوقاف، وإنا لله وإنا إليه راجعون [11].
وقد أطلت في هذا التمهيد، لأنه طالما لم يعترف المعتدي بخطئه، ويتراجع عن ظلمه، فستبقى هذه الصور من أمثال (محمد فريد) الذين أهانوا هذا المقام الذي يقوم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتكلم في أمر يعترف أنه يجهله إرضاءً لشخص، ستبقى هذه الصورة تتكرر، وقد ابتلينا بهم، فما علينا إلا أن نصبر لله عز وجل، وأرجو من الله أن أكون كما قال حساَّن بن ثابت رضي الله عنه :
فإنَّ أبي ووالده وعرضي **** لعرض محمد منكم وقاء

--------------------------------------------------------------------------------
حواشي:

1- هذا بخلاف من يبين خطأ العالم في موضع لا يصل إليه إلا مبتغي الحق، فإن صنيعه محمود شرعاً كما ذكرت .
2- وهي تهمة باطلة كما بينت في كتابيّ ((الانتصار)) و (( التفنيد )) .
3- المطبوع عام 2000 م.
4- شرح علل الحديث (ص68) طبعة دار ابن رجب بفارسكور.
5- ليتنبه القارئ إلى الأسلوب الذي يصلح لردع هذا المعتدي حتى يتعامل مع القضية بما تستحق .
6- الذي يغلب على ظني أن الأخ المشار إليه يفهم هذا القيد، لأنني أحسبه ممن يفهمون .
7- وكلامه مسجل عندي في شريط .
8- تأمل كيف يُربى هؤلاء، حيث حكم بنكارة شيء لا يعلمه، وحكم على ما في القلوب، الذي لا يعلمه إلا علام الغيوب؟!! .
9- ليتأمل قوله: (( الشيخ مصطفى، والألباني )) الذي يعنيه معرفة حقيقة هؤلاء كيف تكون التربية عندهم، وعند من؟ عند من يخلفه على منبره!! وكان هذا بحضور ثمانية من الثقات.
10- يقصد الشيخ مصطفى .
11- وكم أحزننا ذلك، فقد كنت أتمنى أن يكون هذا المنبر للذب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا للذب عن الأشخاص. انتهت الحاشية.

ملاحظة: لابن أبي العينين كتب وضعتها في منتدانا هذا دافع فيها عن الشيخ الألباني وأظهر فيها قيمة ردود العدوي، بل وأظهر فيها أيضا قيمة العدوي في العلم والبحث والتأليف والتحقيق.
هي هنا:

http://www.zshare.net/download/intissar-rar.html

http://www.zshare.net/download/noufous-rar.html


************************************************** ***

مؤخرا، عثرت على أمر جديد يؤكد أمرا قديما، ويؤكد لي يوما بعد يوم من أن هذا الشخص يعاني من مرض عضال، اسمه " مخالفة الألباني "، فهو لا يستطيع ترك ذلك بحال، وقد سبق أن وضحنا أن مدرسة العدوي مبنية على مخالفة الألباني، أساسا، ولولا ذلك لما عُرف العدوي ... وهذا تأكيد آخر لذلك:
وجدت للعدوي كتابا جديدا سماه بـ " صحيح تفسير ابن كثير " ، ادعى أنه اختصر فيه التفسير وحذف ما فيه من أحاديث ضعيفة، فجعل نفسه حكَماً على هذا الحافظ المحدث المؤرخ، تلميذ ابن تيمية والمزي ! وبحسب ما سبق بيانه أخشى أن لا يكون سلم له عشر ما في الكتاب من أحاديث، وسيشق عليه أن يترك حديثا يصححه الألباني ... المهم .. وجدت الكتاب في أحد المكتبات، فأخذته وتصفحته، فظهر لي الداء واضحا .. داء مخالفة الألباني بأي وجه وبأي طريقة .. وفي الصفحة الأولى .. بل في السطر الاول .. قال: " الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه .. الخ .. " .. وضع في الحاشية على كلمة " أستهديه " [ جاء في الحديث القدسي: استهدوني اهدكم ] ، وهنا أمر لن يفطن له سوى المتخصص في العدوي : الشيخ الألباني - رحمه الله - سبق له أن أشار إلى أن كلمة " نستهديه " لا تثبت في طرق خطبة الحاجة .. وكنت ألاحظ أن العدوي يكاد لا يترك هذه الكلمة تفوته، لكنه هذه المرة وضّح وصرّح، وجعل في الحاشية تعليلا ، واستجاز لنفسه تغيير اللفظ النبوي .. وهذا يهون ما دام سيخالف به الألباني ..
هذا، وقد لاحظت أنه جاء في نفس الحديث " استطعموني أطعمكم .. واستكسوني أكسكم "، فلم لم يستجز أن يزيد في خطبة الحاجة " ... ونستطعمه ونستكسيه " ؟ كلا ... لم يقلها .. فلا مخالفة فيها للألباني ...
هذا، وقد أسس العدوي مع طلبته خلية سماها " التحقيق والتأليف للجميع "، وفي كل يوم صار يطلع علينا تحقيق لكتاب ضخم، فهذا زاد المعاد، وهذا تفسير ابن كثير، وهذا فتح المجيد، وهذه سيرة بن هشام .. ويظهر كل ذلك بسرعة خيالية، فما كان أحد يظن أن التأليف والتحقيق والحكم على الحديث سهل لهذه الدرجة .. ورحم الله مشايخ التحقيق أمثال أحمد شاكر وعبد السلام هارون ومحيي الدين عبد الحميد ... هان التحقيق حتى سامه كل أحد .. وميزانيات هذه الأعمال الكثيرة الضخمة لا أدري كيف يسهل إيجادها ؟؟؟؟؟ وأما عن التضعيف والتعليل فحدث ولا حرج .. وقد تحدث الشيخ ابن أبي العينين في طبعته الجديدة لتحقيق كتاب " التبيان " للنووي عن تحقيقٍ وجده لهذا الكتاب قامت به فتاة ناشئة من خلية العدوي، وهي دكتورة .. ليس في الحديث أو التحقيق .. بل في الطب البيطري .. فتركت مكانها في الإسطبل وتسلقت علم الحديث !!!!!!!!! فلا تسأل عن ما فيه من عجائب .. وطبعا، وكما اعتاد العدوي، كتب في مقدمته للكتاب أنه راجع التحقيق فأعجبه ووجد صاحبته موفقة وأنها حكمت على أحاديث الكتاب بما تستحق صحة وضعفا !!! فصار اختصاصيو الحيوانات يخطئون النووي والألباني وأحمد شاكر وأمثاله ويحكمون على الأحاديث، ويحققون ويصنفون !!!

والله المستعان.

شبهات حول دخول البرلمانات :: لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله

شبكة الإمام البربهاري

::: شبهات حول دخول البرلمانات :::
لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
الواقع المعاصر
تاريخ إلقاء هذه المحاضرة : الجمعة 22 من رجب 1432هـ الموافق 24-6-2011م

مكان إلقاء هذه المحاضرة : بالمسجد الشرقي - سبك الأحد - أشمون - محافظة المنوفية - مصر


صوت Mp3
========
صوت Rm

الجمعة، 24 يونيو 2011

مقتطف من صَلَابَةُ « السُّنَّة » لفضيلة الشَّيخ الدُّكتور / محمَّد بن هادي المدخلي - حفظه الله تعالىٰ





بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالمَينْ ؛ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينْ ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلـٰهَ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَريِكَ لَهُ ، إِلـٰهُ الأَوَلِينَ وَالآخِرينْ ، وَقَيُّومِ السَّمَٰـواتِ وَالأَرْضِينْ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفْوَتُه مِنْ خَلْقِهِ ، وخَلِيلِهُ ، صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلهِ وأَصْحَابِه وأَتْبَاعِه بإِحْسَانٍ إِلىٰ يَوْمِ الدِّينْ .
أَمَّا بَعْدُ :
فإنَّه لمن دواعِ السُّرور والغِبطة أنْ نلتقي بإخوةٍ في الله أحببناهم في الله وأحبونا لله ،
واجتمعت القُلوب علىٰ ذٰلك ونسأل الله جلَّ وعَلا الأُلفة علىٰ ذٰلك ،
فإنَّه ما مِن موضوعٍ يدور في الذِّهن إلِّا وأظنُ مع إخواني هٰؤلاء قد تطرقنا له ،
إمَّا اِستقلالاً ، وإمَّا عرضاً في مجالسنا ، وفي لقاءاتنا ، وفي كلماتنا ، وفي دروسنا ونحو ذٰلك .
ولـٰكن الجديد دائماً تتطلَّع الأنفس وتتشوَّق إليه ، ونفسي تتوق إلىٰ القديم دائماً ؛
لأنَّ القديم هُو : العتيق .
وكُلَّما عتق كُلَّما زاد نُدْرةً ، وكلما زاد نُدْرةً كُلَّما ازداد الطَّلب عليه .
ألا إنَّ ذٰلك الأمر هُو : أمر الصَّلابة في السُّنَّة النَّبويَّة ، والطَّريقة السَّلفيَّة الَّتي كلنا - ولله الحمد -
يسير عليها ، ويدعو إليها ، وينافح مِن أجلها ، ويُعادِي لها ويُوالِي لأجلها .
إنَّ مسألة التَّمسُّك بالسُّنَّة مسألةٌ عظيمة ، والظَّفَر بها وبأهلها مطلبٌ عزيز ،
وغايةٌ تسمو إليها الأنفس ، وتَشْرئِبُّ إليها الأعناق .
وقد أمر بها عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام في أوَّل حياته ، وفي آخر حياته ،
فكانت آخر وصاياه أو من آخر وصاياه الَّتي ما فَتِئَ يوصي بها دائماً وأبداً ،
ويستفتح بها الكلام دائماً وأبداً ، فَكُلُّكم يعرف حديث العِرباض رَضِيَ اللهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ ؛
الَّذي وعظ فيه رسول اللهِ صَلَّىٰ اللهً عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلكم الموعظة البليغة ؛
فكان من سؤال الصَّحابة ما تعرفون ، فجاءت الوَصيَّة النَّبويَّة الجامعة المانعة ،
الَّتي لا نزال نردِّدها ، ونسأل الله جلَّ وعَلا أنْ يجعل ألسنتنا رطبةً بها إلىٰ أن نفارق الدُّنيا ؛
فنلقاه عليها كما لقيه رسولهُ صَلَّىٰ اللهً عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأصحابه
رِضْوَان اللهِ تَعَالىٰ عَلَيْهم أَجْمَعِينَ مِنْ بعده عليها .
ذٰلك أنَّ الله جَلَّ وعَلا قد أمر بمعناها في كتابه جَلَّ وعَزَّ في مواضع :
˘ إمَّا أمراً صريحاً .
˘ وإمَّا إخباراً عن حال من تَنكَّب هٰذه الطَّريق .
˘ وإمَّا إخباراً عن حكمته في إيجاد الخلق سُبْحَانَهُ وتَعَالىٰ .

فقالَ عَليْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام : « عَلَيْكُم بِسُنَّتِي » (1) .
 
" . . . وقوله : " عَلَيْكُم " ليس أمراً فقط ، وإنَّما هو أمرٌ وفيه تحضيضٌ وتحريض .

" عليكم بسنتي "، أمرٌ فيه حضّ ، وفيه تحريض ، وهو متضمنٌ معنىٰ التَّعهُّد لهٰذه السُّنَّة دائماً وأبداً .

لأنَّ الإنسان يعتريه الغفلة ؛ ويعتريه النِّسيان ، وتعتريه المشاغل ، ويعتريه الضَّعف ،
فهٰذه أربع عوامل تكاد تُنسيه أحياناً عن سُنَّة رسول اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ؛
الغفلة ، والنِّسيان ، والشَّواغل ، والضَّعف أحياناً ، وكلِّها مُردِيةٌ مُهلكة !
وأشدُّها إهلاكاً لصاحبه الضَّعف في الأخذ بِسُنَّة رسول اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ؛
فإنَّ الأخذ لِلإِسلام بقوَّة ، ونعني بالقوَّة : التَّمسُّك به ، لا الغُلُوّ !
هٰذا مطلبٌ نفيس ، بل هو أمر الله للأنبياء عَلَيْهِمُ الصَّلاةَ وَالسَّلام ،
كما قالَ جلَّ وعَلا : ﴿ يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ [ مريم : 12 ] .
فهٰذا معنىٰ الأخذ بقوة ، التَّمسُّك بهٰذه الشَّريعة الَّتي ينزلها الله سُبْحَانَهُ وتَعَالىٰ علىٰ عباده ،
وحسن التَّعاهد والمداومة عليها .
ولا شكَّ أنَّنا دائماً وأبداً نحتاج إلىٰ التَّوصية بهٰذا ؛ لِمَ ؟
لعروض هٰذه العوامل الأربعة ؛ أو بعضها دائماً في حياتنا ، لا تخلو لحظةٍ من لحظات حياتنا منها
أو من بعضها ؛ الغفلة ، والنِّسيان ، والشَّواغل ، والضَّعف عن الأخذ بالسُّنَّة النَّبويّة .
* فينبغي التَّذكير حين الشَّغْلَة .
* والتَّذكير حين الغَفْلَة .
* والتَّذكير حين النِّسيان .
* والتَّذكير حين الضَّعف .
˜ فحين الضَّعف يبعثُ التَّذكير في المرء القُوَّة .
˜ وحين النِّسيان يبعثُ التَّذَكُّر .
˜ وحين الإنشغال يبعثُ التَّذكرة ، فَيُقبل القلب ويدع الشَّواغل ، وينقطع عنها .
˜ وحين عروض الغفلة تحصلُ الإنتباه لمن كان قد غفل إذا ذُكِّر .
والسُّنَّة النَّبويَّة كلٌّ يَدَّعي الأخذ بها ؛ حَتَّىٰ الطَّوائف الضَّالة ؛ ولـٰكن لا كلام لنا مع الطَّوائف الضَّالة ؛
لأنَّ الأمر معهم مفروغٌ منه من قديم !!
ولـٰكن الَّذي يهمُّنا ونحرص عليه هو بيننا نحن معاشر أهل السُّنَّة والجماعة .
من انتسب إلىٰ ما كان عليه سلف الأُمَّة ؛ صحابة رسول الله صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومن كان معهم .
فقد كان الواحد منهم يقول لأخيه : ( اجلس بنا نؤمن ساعة ) ، لِمَ ؟
ليزداد إيماناً ، ولّا هو مؤمنٌ - ولله الحمد - ، ولـٰكن ليزدد إيماناً مع إيمانه ،
ويقيناً إلىٰ يقينه ، وقوةً إلىٰ قوته ، وصلابةً إلىٰ صلابته ، وعلماً إلىٰ علمه .
فما كانوا يأنفون من أن يُذَكِّرَ بعضهم بعضاً ، ولا كانوا يأنفون من التِّكرار ،
بل ما كان عندهم إلَّا حديث رسولُ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأنفون مِن تكراره ،

ولا يسأمون مِن تدبره والتَّذكير به في كُلِّ وقتٍ وحين . . ."
  بل كانوا يحرصون حَتَّىٰ في أخذهم وسماعهم من بعضهم علىٰ مَن كانت فيه هٰذه الأُمور ،
أمر الصَّلابة في السُّنَّة ، كما جاء ذٰلك فيما لا يخفاكم في صحيح البخاري مِن طريق عبد الرحمٰن بْن يزيد النَّخَعِيّ رحمه الله أنَّه قالَ :
" سألنا حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهً عَنْهُ ، فقلنا : دُلُّنا علىٰ رجلٍ أقربُ سمتاً وهدياً ودلَّاً بسمت رسولِ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهديه حَتَّىٰ نأخذ عنه .
فقالَ رَضِيَ اللهُ تَعَالىٰ عَنْهُ مقالته الَّتي تعرفون : « ما رأيتُ أحداً . . .» (2) .
ثُمَّ ذكر هٰذه الصِّفات الَّتي سألوا عنها في هديه وسمته ودلِّه أقرب إلىٰ هدي رسولُ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسمته من ابن أم عبد .
مَن هُو ؟ عبد الله بن مسعود .
ولقد والله صدق ، فلقد كان فقيهاً ، ولقد كان والله العظيم شديداً في السُّنَّة والتَّمسُّك بها ،
ولقد كان والله العظيم ثاقب النَّظر نَيِّر البصيرة نافذ البصر ، في حياته رَضِيَ اللهُ تَعَالىٰ عَنْهُ وأَرضَاهُ ،
فقد كان النَّاس في عصره مع النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شأنٍ وهو في شأن ،
في التَّعلُّم ، والتَّفقُّه، وأخذ القُرآن وعلومه .
ثُمَّ بعد لحوق النَّبِيّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرَّفيق الأعلىٰ كان أكثر الصَّحابة فقهاً وهُو أكبر العَبَادِلَة رَضِيَ اللهُ تَعَالىٰ عَنْهُ وأَرضَاهُ .
وكان مقدماً في الفقه ، وهُو إمام أهل الكوفة ، وموقفه في السُّنن والأخذ بها ، والبدع والتَّحذير منها ،
أشهر مِن أنْ يُذْكر ، وأوسع مِن أنْ يُحصر رَضِيَ اللهُ تَعَالىٰ عَنْهُ وأَرضَاهُ .
فالحاصل الهدي والسَّمت في الإنسان مطلوبٌ دائماً وأبداً ، ولـٰكن قد يعتريه مع ذٰلك كما قلنا أحد الشَّواغل الأربعة ؛
فيحصل عليه ما يحصل ، فالواجب علينا جميعاً أنْ نعرف هدي رسول الله صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وسمته ، وصفاته صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فنعمل بها في جميع أحوالنا ، شِدَّته فنشتدَّ حيثُ يشتدُّ ؛ ولينه فنلينَ حيثُ يلينُ ،
مزحه ودُعابته ، فنمزح ونداعب كما كان عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ،
تَروحه وترويحه عن نفسه وعن أصحابه ، وسماعه لما يطيب في ذٰلك مِن المباح ونعمل ذٰلك ،
جِدُّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم وحياته كلها دين ، في الأمور وأخذها بالمأخذ الَّذي ينبغي أنْ يكون عليه المرء العابد لربه ،
فنأخذ بذٰلك كما كان عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ولا نُفرِّط في هٰذا قدر أنملة علىٰ حسب الاستطاعة ،
وإنَّه في كُلِّ يومٍ ، وفي كُلِّ عصرٍ وفي كُلَّ مصرٍ تزيد من البدع ، بدعٌ أخرىٰ إلىٰ ما كان معروفاً من قبل ؛
وإنَّ من النَّاس من تنطلي عليه هٰذه البدع الحديثة وإن كانت في أصولها قديمة ؛
لـٰكن تتغير في أشكالها الَّتي تطرح بها في الأعصار كل عصرٍ بما يناسبه ؛
ومن أعظم البدع الَّتي حدثت في هٰذه الآونة الأخيرة وفَرَّقت عباد الله في كثير من البلدان ؛
ودبَّ إلينا نحن هنا الأمر العظيم من جرائها وبسببها بدعة التَّحزُّب !!
وهٰذا الأمر فيه قد كثر والكلام ، والحديث فيه قد كثر وتَنوَّع ؛
ولـٰكن نحتاج دائماً إلىٰ التَّذكير فيه لأنَّنا كم قد رأينا مِن الصَّرعىٰ لهٰذه البدع كلما غفل النَّاس عنها ،
أو تهاونوا فيها ؛ والباب الَّذي دُخِلَ علينا منه في هٰذه المسألة هو :
أنَّ هٰذه القضية يكثرُ فيها الكلام وأصبحت مشتهرة عند النَّاس ، وأصبحت معروفة عند النَّاس ،
لماذا لا تصرفون النَّاس إلىٰ العلم والتَّعلُّم ؟
لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟
وهٰذه في الحقيقة من أساليب هٰؤلاء الَّذين نعرفهم ولا يخفىٰ حالهم علينا .
فهل أنتم في الوقت هٰذا الَّذي تقولون فيه هٰذا القول ؛
˘ تُفَقِّهون النَّاس ؟!
˘ تُعلِّمون النَّاس ؟!
˘ تُبيِّنون لهم أحكام دينهم ؟!
˘ تُبيِّنون لهم عقائدهم ؟!
˘ تُبيِّنون لهم معاملاتهم ؟! لاء !!
وإن جاءوا بهٰذا فإنَّما هو من باب التَّسكيت ؛ لا غير !!
وينطلي مثل هٰذا الكلام علىٰ بعض من حسنت نيته من إخواننا ، وطابت سريرته ،
ولا يعلم خبث أهل الأهواء ؛ ولا يعلم مقاصدهم ؛ والمقاصد علمها عند الله .
ولـٰكن يستدلُّ عليها العارفون بأسبابها ومقدماتها ؛ فإنَّ الفتن إذا نزلت لا يعرفها كُلُّ أحد ،
وإنَّما يعلمها العلماء – كما قالَ ذٰلك الحسن البصري – فإذا أدبرت عرفها العامَّة .
لا فضل لهم ؛ يعني في المثل العامِّي يقولون عندنا العوام " لا شكر لمن غدَّاني يوم العيد " !
يوم عيد الأضحىٰ كُلُّ النَّاس تذبح .
فإذا أدبرت الفتن عرفها العوام ، لا شكر لهم ، أن النَّاس قد عرفوها ووقع كثير منهم فيها وهم غافلون عنها .
فما يعرفونها إلَّا بعد إدبارها وربَّما بعد أن يقعوا فيها ويتندمون بعد ذٰلك علىٰ وقوعهم فيها ؛ يقولون : - والله - ما كنَّا نعرفها ، ما ظننا الأمر .
فهٰنا ميزةُ العالم علىٰ العامِّي ، وميزة طالب العِلم الَّذي نَوَّر الله بصره وبصيرته علىٰ العامِّي في هٰذا الباب .
فينظر بنور الله جلَّ وعَلا ، هٰذا أولاً ، لما منحه اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالىٰ مِن العِلم والبصيرة والهدىٰ ،
ثُمَّ أيضاً ينظر من ناحيةٍ أخرىٰ وهي قياس الأُمور علىٰ مثيلاتها ،
وجمع الأنواع المشتبهة بعضها مع بعض .
فإذا كان الأمر كذٰلك فهٰذه ميزتنا نحن طلبة العِلم مع علماءنا أهل السُّنَّة والجماعة - السَّلفيَّة - ،
يجب علينا أن نكون حذرين في هٰذا الباب ، مُلْتفِّين عليهم آخذين بما يقولون ، وقد جرَّبنا - ولله الحمد - نحن وإياكم جميعاً
يوم أن كانت الفتن مُدْلَهِمَّة ؛كيف كانت المواقف لنا جميعاً بفضل الله جلَّ وعَلا ورحمته ، ثُمَّ بفضل أئِمَّة السُّنَّة .
لأنَّهم عرفوا الفتن عند إقبالها ، فَنجَّانا الله جلَّ وعَلا بفضله ورحمته .
ثُمَّ بفضل مَسْكِنا لغرز هٰؤلاء ، وأخذنا بركابهم والتفافنا حولهم .
لأنَّهم قد وُفِقُوا للعِلم الصَّحيح والمنهج الصَّحيح ، فعرفوا الحقَّ وحَذَّروا مما عداه !،
وعرفوا الفتن والمشتبهات ، وحَذَّروا منها قبل أن تَعُمَّ وتَطُمَّ !

فكانت لهم علينا المِنَّة العُظمىٰ بعد رحمة الله جلَّ وعَلا بنا ، فجزاهم الله عنَّا خير الجزاء . . . "
" . . وإذا كان أئِمَّة أهل السُّنَّة في هٰذا الباب أصلب مِن أنْ يُضْحكَ عليهم ،  
فكذٰلك الواجب علينا نحن أنْ نقتفي آثارهم فلا يُضْحك علينا ؛
فهٰذا أحمد رحمه الله ، وكلكم تعرفون قصته في الكرابيسي كما خرَّجها ابن هانئ النَّيسابوري
في مسائله عن أحمد ، لـمَّا ذكر له الكرابيسي قالَ :
« أخزىٰ الله الكرابيسي » . شوف أخزاهُ الله ! ومَن الكرابيسي ؟
الكرابيسي عالمٌ فقيه مُحدِّث له قدره ، يقول فيه أحمد :
« أخزىٰ الله الكرابيسي » دعىٰ عليه بالخزي ؛ أعوذ بالله ! من يقول هٰذا ؟ هٰذا أحمد .
ما هو بِأنا ولا أنت ، « أخزىٰ الله الكرابيسي ، لا يُجالس ، ولا يُجالس مَن يُجالَسه ،
ولا يُؤخذ عنه العِلم ولا يُكتب عنه » (3) .
مسكين الكرابيسي ؛ إذا جئت تلقىٰ عنده حاجة ، يعني سهلة إذا ما قارنتها بأئِمَّة
أهل الأهواء ؛ ومع ذٰلك أحمد وقف منه هٰذا الموقف الصَّلب مع عامَّة المسلمين في عصره .
يدعو عليه بالخزي " أخزىٰ الله الكرابيسي" .
ثُمَّ يقول فيه : " لا يُجالس ولا يُجالس مَن يُجالسه . . . " لما ؟
لأنَّ الَّذي يجالسه يأتي بفيروس ؛ يأتي معه بالمرض ، ينقله فيعديك !!
صح أنت ما تروح للكرابيسي ، لـٰكن تلميذ الكرابيسي أنت تجالسه ؛ فيبدأ ينفث فيك فيأتيك فيروسه !
والفيروس هو : أخذه من شيخه ؛ فتنتقل العدوىٰ إليك وحينئذٍ أحمد أخذ بماذا ؟
« لا يُورِدُ الْمُمْرِضُ عَلَىٰ الْمُصحِّ » (4) ؛ أنت صحيح ما تروح للمرضىٰ ؛
" ولا يُكتب عنه ، ولا تُكتب كتبه "
بالله ؛ ماذا يكون الكرابيسي عند أهل الأهواء والبدع مِن عصره من أهل التَّجهُّم وغُلاة المعتزلة والصُّوفية وأصحاب الطَّرائق ؟!!
بل حَكَوْا عن عبد الواحد الخفاف مرَّ علىٰ عمرو بن عبيد وهو منعزل وحده ،
فقالَ له : ما لكَ تركك النَّاس ؟ فقالَ : « حَضَّ النَّاسَ ابنُ عونٍ علىٰ تركي فتركوني » .
انظر ! راح وحده ، أصبح عمرو بن عبيد وحده ، لماذا ؟!
هو بنفسه يشهد ؛ قالَ " حضَّ النَّاسَ ابنُ عونٍ علىٰ تركي فتركوني " ،
أين أنت من هٰذا ؟ يعني انقياد لأئِمَّة السُّنَّة ، ما هو انقياد تقليد أعمىٰ ؛ لاء !
تحذير لهم من البدع ؛ خلاص تركوه ، فأصبح وحيداً .
فهٰكذا كان طلبة أئِمَّة السُّنَّة مع أهل السُّنَّة . . ."

نفائسُ المنّة لمتّبع السنة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله،نحمده تعالى، ونستعينه، ونستغفره, ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا , منيهدهِ اللهُ فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهدُ أن لا اله إلا الله وحدهُلا شريك له, وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة: آل عمران:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب الآية: 70, 71]
أما بعد:
فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم, وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار, أما بعد:
هذه الخطبةُعنوانها:
( نفائسُ المنّة لمتّبع السنة )
يقول في كتابه الكريم مخاطباًنبيه: ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾ [النساء الآية: 113]
فربُنا أخبر أنفضله عظيم على نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام , وهكذا فضل الله عظيم على مُتبعِسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولهذا يقول ربُنا: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة: النور الآية: 21]، ويقول: ﴿ َلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [سورة: النساء الآية: 83]، ففضل الله على المؤمن عظيم يزيده هُدى, ويُكمل له التُقى، وكمال التوفيق منهسبحانه وتعالى, فربُ العالمين يختص من يشاء بإتّباع الرسول عليه الصلاة والسلام،ويصطفي من يشاء لهذه الوظيفة العظمى, ولهذه العبودية الكبرى , لهذا أيهاالإخوة , إن منّة الله عظيمة وفضل الله واسع على من يتّبع الرسول عليه الصلاةوالسلام , يقول العلامة ابن تيمية رحمه الله تعالى , الذين أعلنوا ما جاءبه الرسولُ عليه الصلاة والسلام , لهم نصيب ٌ من قوله تعالى:﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ الّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك﴾فإن الله قد منّ على رسوله بالسعادة الدنيوية والأخروية , ومتّبعوه ينالون من السعادة ِ بقدر ما يتّبعون , وقال أيضاً في فمن اتّبع الرسول عليه الصلاةوالسلام إتّباعاً مطلقا اعُطيى , اعُطيى الكرامة العامة ومن اتّبعه إتّباعاً ناقصاًفبقدر ما يتّبع , فهنيئاً لمن وطّن نفسه على أن يكون محمديا , على أن يكون محمديا , ربُنا يخبرنا عن خليلهِ إبراهيم ، قال: ﴿وَإِذْ قَالَإِبْرَاهِيمُ رَبّ اجْعَلْ هَـَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيّ أَننّعْبُدَ الأصْنَامَ رَبّ إِنّهُنّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مّنَ النّاسِ فَمَنتَبِعَنِي فَإِنّهُ مِنّي﴾سورة: إبراهيم - الآية: 35 ، 36 ، انظروا إليعظيم الإتّباع والي عظيم الشرف فيه﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإِنّهُ مِنّي﴾، أنت عند أن تتبع رسولك تصيرُ من رسولك , تصيرُ من رسولك عليهالصلاة والسلام وعند أن تترك الإتّباع تُفارق رسولك عليه الصلاة والسلام , وها هوربُنا يخبرنا متحدثاً عن , عن عيسى عليه السلام وعن أتباعه ، قال﴿وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىَيَوْمِ الْقِيَامَةِسورة: آل عمران - الآية: 55 ، قال العلماء فوقهمبالنصر والغلبة , فالمتّبعون للأنبياء والرسل دائما وبإذن رب العالمين الغلبةُ لهم على الأعداء والنصر من الله لهم والتمكين في الأرض لهم من الله إن كانوا صادقينفي الإتّباع وإن كانوا ثابتين عليه, وهكذا أتباع الرسول عليه الصلاة والسلام من هذه الأمة، قال ربُ العالمين في كتابه ﴿يَأَيّهَا النّبِيّ حَسْبُكَاللّهُ ، يَأَيّهَا النّبِيّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَسورة: الأنفال - الآية: 64 ، أي الله يكفيك ويكفي أتباعك , منشر كلِ ذي شر, فأتباع الرسول لهم من الكفاية الإلهية , بقدر ما يتّبعون , الرسول r, فمن اتّبع رسول الله إتّباعاً ناقصاكانت كفايته من الله ناقصة , ومن اتّبع رسول الله إتّباعاً مطلقا يكفيه الله شر كلِ ذي شر بقدر ما يكون متّبعا , كذلك من عظيم العطايا ومن عظيم المنن التي يُكرم الله بها من يتّبع رسوله عليه الصلاة والسلام ، ما قال في كتابه الكريم ﴿قُلْ إِن كُنتُمْتُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْسورة: آل عمران - الآية: 31 ، عطاءان المحبة والمغفرة ولا يقدر أحدٌ أن يغفر لأحدٍ , فالله هو المالك وهو المتفضل بمغفرة الذنوب , ولهذا انظروا أيها الناس إلي هذا العطاء الذي أعطى الله نبينا والصحابة , قال الله تعالى:
﴿لَقَدْ تَابَ الله عَلَىَ النّبِيّ وَالْمُهَاجِرِينَوَالأنصَارِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِسورة: التوبة - الآية: 117 ، فالصحابة المهاجرون والأنصار لمّا اتّبعوا الرسول في وقت الشدائد , فيوقت الشدائد الله غفر لهم مغفرة تامة لأنهم اتّبعوا رسول الله إتّباعاً عاماً فغفر الله لهم مغفرةً عامة ، والتوبة من رب العالمين أنه يقبل أعمال العبد ويُثيبه عليها ويكفر من سيئاته, والمحبةُ من اللهِ لك إن كنت متّبعاً ، قال بعض السلف ليس الشأن أن تُحب الله فإنك فقيرٌ إليه ومحتاج إليه ، وهو المتفضل عليك وهو المعطي , المعطي لك والمدبر لكل أمورك , ولكن الشأن أن يحبك الله , إن احبك الله فهذا أعظم إكرامٍوإنعام عليك , ينعم عليك في هذه الدنيا به ، أن يحبك وأنت العبد الفقير وأنت العبدالجاني وأنت العبد المفرط وأنت العبد المخطئ , ولكن محبته لك يوم أن تتوجه بقلبكوقالبك إلي إتّباع ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام مقدماً ذلك على كل شؤونكوعلى كلِ مصالحك الشخصية وعلى كلِ أمورك الدنيوية.
كذلكأيضا من المنن الإلهية على المتّبعين للسنة المحمدية النبوية ، أن الله عز وجليُكرم هذا الصنف, بالرحمة الخاصة , وكذلك المعية الخاصة ،قال ربُ العالمين في كتابه الكريم﴿وَالْمُؤْمِنُونَوَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَوَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ﴾ سورة: التوبة - الآية: 71 ، فالذين يخصون بالرحمة، والذين تعظم الرحمةمن الله عليهم ، أولئك الذين اتّبعوه ولم يفارقوه وقال الله تعالى:﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرّسُولَ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ ،لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾سورة: آل عمران - الآية: 132 ، ومن ذا الذي يستغنيعن رحمة الله طرفة عينٍ, كذلك أيضا من إتباع السلف ما قاله بعض السلف: منأمّر السنة على نفسه نطق بالحكمة ومن أمّر الهوى نطق بالبدعة ، قال الله:﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾سورة: النور - الآية: 54, فلا هداية إلا بطاعته في السراءوالضراء وفي الأحوال كلها.
فاحذروا أيها الناس أن تُفارقوارسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، ولتنظروا إلي حال المؤمن المتّبع عند الموتوما بعد الموت, فمن أدركه الموت وهو علىالسنة المحمدية فليبشر بكل خير , جاء عن عبد الله ابنُالمبارك أنه قال الموت كرامةٌ لكل مسلم يموت على السنة , لكن الموت نِقمة من الله على من يموت وهو في معصية الله أو هو واقع فيبدعةٍ أو في انحراف , فالموت عليه نِقمة وأخذُ اللهِ له من باب النِقمةِ ومن بابالإسراع به إلى العذاب , عياذاً بالله , وقال ابنُ عون رحمه الله تعالى: من مات على السنة يعني ما غيّر ولا بدل لا ابتدع ولا تحزب ولا نصر العاداتالمخالفة للشرع , وإنما نصر منهاج النبوة ومن اجله , ومن اجله صبر وثبت وتحّمل, فله بشير بكل خير ، تبشره ملائكة الرحمة ابشربالقدوم على الله على الكريم الرحيم ، فهنيئاً لك يوم أنتلقى الله عز وجل بوجهٍ ابيض , أما من لقي الله مغيراً مبدلا أحوالٌ سيئة وعواقب وخيمة عياذاً بالله , ولتسمعوا أيضاً إلى حالالمتّبعين لرسول اللهr وهم في قبورهم , جاء من حديث أسماء رضي الله تعالى عنها أن الرسول عليهالصلاة والسلام تحّدث عن افتتان الأمة في القبور , فقال الرسول عليه الصلاة والسلام " فأما الموقن فيقال له ماذا تقول في هذا الرجل ، يعني الرسول , ماذا تقول في هذا الرجل ، قال فيقول جاءنابالبينات والهُدى فآمنا به واتّبعناه ، أمران اثنان , آمنا واتّبعنا ، فهُنالك منآمن ولم يتّبع الإتّباع المشروع وإنما جعل سنة الرسول عليه الصلاة والسلام علىما يريد وعلى ما يهوى فما وافقه , فما وافقه اخذ به وما خالف هواه رفضه وردهذا متّبعٌ لهواه وليس متّبعاً لمنهاج النبوة ، فهذا الذي كان متّبعاً في الدنيابماذا يُبشّر , قال عليه الصلاة والسلام " فيقول آمنا به واتّبعناه فيُقال له نمصالحا نم آمنا " فانظرواإلي الفارق بين المتّبع وغير المتّبع , فالمتّبع في قبره في نعيم وفي أمان , والمبتدع والمخالف والمنحرف في قبره في جحيم عياذاً بالله .
أيها المسلمون هل تريدون أن تفوزوا بالدنيا والأخرى , هل تريدون سعادةالدنيا والأخرى , فلا يكون ذلك ولا يتحقق ذلك إلا بإتّباع إمامِ المتقين وسيدالمرسلين عليه الصلاة والسلام , وبدون ذلك لا يتحقق لك , قالشيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله تعالى: طاعة الله وطاعة رسوله قطبُ السعادة , قطبُ السعادة الذي عليه تدور ومستقر النجاة الذي عنه لا تحور , نعم أيها الناس إنأردتم السعادة الأبدية الدنيوية والأخروية فكونوا مع رسول الله الذي جاءنا بالهُدىوبكلِ خيرٍ وحذّرنا من كل ِ شرٍ , استغفر الله انه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد للهوحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه, أما بعد:
أيهاالإخوة , الأمرُ العصيب هو يوم القيامة , فلينظر كلٌ منا حاله في ذلك اليوم , فيذلك اليوم يُعز المرءُ أو يُهان ، عزاً أبدياً أو إهانةً أبدية , في ذلك اليومالعصيب , يظهر الشخص على ما كان عليه في هذه الحياة بحقيقته فلا مجال للمغالطة ولا بقيى مجال للادعاءات ، وإنما ينال الشخص ويجتني مااكتسبته يداه.لنسمع إلى حال المتّبعين في يوم القيامة وترونأن حالهم حال كريم يقول في كتابه الكريم﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ فَأُوْلَـَئِكَ مَعَالّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مّنَ النّبِيّينَ وَالصّدّيقِينَ وَالشّهَدَآءِوَالصّالِحِينَ سورة: النساء - الآية: 69 ، انظروا اُلحقوا بمن وأُرفقوابمن، بأكرم الخلق على الله , المتّبعون يوم القيامة يكونون رُفقاء لرسولهم عليهالصلاة والسلام , كانوا معه في الدنيا , فكانوا معه في الآخرة والجزاء من جنس العمل , هل ترضى يوم القيامة أن يُفارق بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبهوسلم هو الشفيع , بل له الشفاعة العظمى والشفاعاتالخاصة ، وهو صاحب الحوض العظيم الذي تُكرم فيه أمته المتّبعة لسنته , وهو الذييفتح الجنة فلا يفتحُها قبلهُ احد , وهو أول الداخلين وأتباعه أول الداخلين , آماتحب يوم القيامة في ذلك اليوم أن ، أن تُقبل عند الله وان تُقرب من رحمته ومن رسولهومن مغفرته سبحانه وتعالى , آما تُحب هذا , هذا وعد الله الكريم لمن يطيع اللهورسوله .
إخواني جميعاً المسلمين على مختلف مراتبهم ، ما بين تجارٍوما بين زّراعٍ وما بين جنودٍ وما بين قادةٍ وما بين عُلماءٍ ودُعاة ، أُبشرهم بهذاالحديث العظيم , روى الإمام البخاري ومسلم من حديث انس " أن رجلا قال يا رسول اللهمتى الساعة , قال وما أعددت لها , قال والله ما أعددتُ لها من كثرة صلاة ولا صيامولكني أُحب الله ورسوله , يعني ما يكثر من صلاة النوافل ولا يكثر من صيام النوافل ،فهو يؤدي الفريضة ويعمل ما تيسر من النوافل ، فماذا قال له نبينا عليه الصلاةوالسلام قال له " أنت مع من أحببت " هذا الرجل من الأعراب منسكان البوادي ومع هذا يبشره الرسول بإنه معه يوم القيامة مادام انه يحبه حب الإتّباع , فاحذروا حب الابتداع , لأن حب الابتداع حبٌ مزيفوحبٌ مرفوض ولكن حب الإتّباع ينتفعُ به صاحبه بإذن الله رب العالمين , فنبشرُالمسلمين عموماً بهذه البشارة , فلا تقبلوا يا عباد الله ما يُفارق بينكم وبينرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام من ذلك اليوم .
كذلك من أحوال المتبعين يوم القيامة ما قاله الله في كتابه الكريم﴿يَوْمَ نَدْعُواْ كُلّ أُنَاسٍبِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِسورة: الإسراء - الآية: 71 ﴿ نَدْعُواْ كُلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ، فيوم القيامة ينادى الناس ياأتباع فلان, من كان يتّبعُ مُجرماً أو ضالاً إمام ضلالة مبتدعاً أو داعٍ إلى المعاصي والفتن ، ومن كان يتّبع شخصاً ينادى يوم القيامة ياأتباع فلان كونوا مع فلان مع الذي اتّبعوهُ ، أما من اتّبع الرسولفيُنادى يوم القيامة يا أتباع محمد يا أتباع الرسول, خاتمالأنبياء والمرسلين ، فما أعظمها من بشارة يوم أن تُنادى بأنك من أتباعالرسول ، أتُحب أن تكون من أتباعِ من يؤخذون إلي النار ، فانتبهيا عبد الله المرءُ مع من أحب ، من أحب السحرة كان معهم ، ومن أحب الكفرة كان معهم، ومن أحب المغنين كان معهم ، انظر من تصطفي في حبك وتعظيمك واحترامك وتكريمك ، فقدأُمرت بل فُرض علينا أن نحب رسول الله أعظم من حبنا لابناءِنا بل لأنفسنا ، كذلكأيضاً من البشارات العظيمة يوم القيامة لأهل الإتباع أن الله عز وجل قال في كتابهالكريم﴿يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوَاْ إِلَى اللّهِتَوْبَةً نّصُوحاً عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْوَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِىاللّهُ النّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُسورة: التحريم - الآية: 8 ، فالمؤمنون المتبعون مأمَّنون يوم القيامة من الخزي والفضائح ، أما من لم يتّبع فليس مؤمنناً بل يُفضح على رؤوس الأشهاد ، على رؤوس الأشهاد أن هذا المُراءِِ الذي ادعى الإتّباع وهو مُراءٍ ، بعض الناس إن وصلإلى المتّبع للرسول تظاهر بذلك ، وإن كان مع دعاة البدع تظاهر بذلك وصار دينه علىحسب مطالب الناس وأهواء الناس ، هذا يُفضح يوم القيامة لأنه لم يكن صادقاً فيأتّباع الرسول عليه الصلاة والسلام , ربُنا قال﴿وَالّذِينَآمَنُواْ مَعَهُ، ولم يقل والذين امنوا ، فالمؤمنون بالرسولِ كثير ، لكنالمتّبعون قليل ، فهل أنت من القليل ، فالقليل دائماً في باب الخير هم المُصطفون الأخيار فكن مع المتّبعين للرسول ولا يضرك كثرةُ الهالكين وكثرةُالبعيدين عن الإتّباع ، ولا يعني كلامي أننا نكفر المسلمين الذين لم يُتم لهمالإتّباع للرسول عليه الصلاة والسلام ، ولكن من لم يعتني ويهتم بأتّباع الرسوليُخشى عليه من عواقب وخيمة عياذاً بالله ، فهنيئاً للمتّبعين يوم القيامة ، هذاالعلامةُ محمد ابن إبراهيم الوزير يقول ،
ياحبذا يوم القيامةِ شهرةٍ * * * بينالخلائقِ في المقامِ الأحمديِ
بمحبةٍ سُنن الشفيعِ وإنني * * * فيها عصيتُ معنفٍ،ومفنديِ

فهو يفتخر بما سيكون له يوم القيامة ، فيالدنيا يحارب في الدنيا يؤذى يغمز يلمز يقال له أنت متشدد أو أنت خرجت عن المذهب ، وخرجت عما نحنُ عليه ، هكذا طبيعة الناس الذين لم يرزقوا الإتّباع ، يحاربون من يتّبع الرسول إلا من رحمهُ الله ، فأنتبحاجة إلي أن توطّن نفسك من اجل أن تثبت على كل ما جاءك به رسُولك عليه الصلاةوالسلام دون أن تخضع للناس ودون أن تخاف الناس ، ودون أن تستروح إلى مايريده الناس ، انظر إلى حال المتّبعين في هذا اليوم العصيب ما أكرمهم علىالله ، لأنهم أكرموا أنفسهم بإتباع الرسول بإتباع الكتاب والسنة.
نعم أيها الناس ، إذاً لابد أن نحرص على أن نقبل الدين كله الذي جاءبه الرسول عليه الصلاة والسلام نقبله كان لنا أو علينا ، تعبناأو لم نتعب ، قُبلنا عند الناس أو رفضنا الناس ، هذا حق وهذا دين قامت به السمواتوالأرض وهذا دين نزل به جبريل الأمين على رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ،أيُردُ من اجل أن يُطاع فلان ، أيُردُ من اجل أن يُقبل ضلال فلان وانحراف فلان جاء عند أبي نُعيم والبيهقي في المناقب وابنعساكر إن الإمام الشافعي رحمه الله قال إذا رأيتموني لا اعمل بحديث رسول الله عليهالصلاة والسلام أُشهدكم إن عقلي قد ضاع ، أُشهدكم إن عقلي قد ضاع ، أي عاقل يختارأن يُفارق الرسول ولو لحظة واحدة وان يكون مع غيره ، آلافلنتّعقل ولنتّنبه ولا نبقى نُجر وراء الفتن والمعاصي والانحرافات ، يا عبدالله كن ثابتاً كثبُوت الجبال الرواسي ، وهذا الحسن ابنُ الحسن من آل بيتالنبوة ، يقولُ لشخصٍ رافضي ، حبّونا حب الإسلاموابغضونا إذا عصينا الله ، فوا الله لو كان حب آل بيت النبوة نافعاً لكانت قرابة الرسول أحق بالنجاة من غير طاعة ، فالرسول ما نجاأبوه ولا أمه وهم من أقربائه وما نالوا النجاة لأنهم لم يُطيعوا الله ورسوله فبينناوبين الله الطاعة ، بيننا وبين الله إننا عباده يأمر ونحن نأتمر ويزجر ونحن ننْزجرويدعوا ونحن نستجيب ، ويخبر ونحن نصدق هذا بينك وبين الله وهذا عهد الله عليناالذي أخذهُ علينا أننا نكون هكذا ، فبعض الناس قد يلتصق بالصالحين ، ويظنأنهم ينفعونه يوم القيامة بغير تمسك وبغير هداية لا ، ولهذا الرسول عليهالصلاة والسلام يقول لفاطمة بنته رضي الله عنها وهي سيدة نساء أهل الجنة ، يا فاطمةبنت محمد أنقذيِ نفسكِ فاني لا املك لك من الله شيئا ، ما قال لها يا فاطمة ثقي بي واركني واعتمدي علي ، فاعتمد على الله واصدق مع الله واخلص لله واثبتعلى الحق الذي جاء به الشرع ، وإنما يعظمُ الأجرُ والمثُوبة وتزيد الهداية من اللهوتوفيق العبد عند أن يُدعى إلى ترك الحق فيثبت ويصبر ويتحمل ، يهون عليه أن يبدل مننفسه وأن يبدل من ماله ولا يهون عليه أن يضحي بشيء من دينه ، أما من كان كلما اشتدتعليه الأمور ضحى بدينه وأعطى الناس كذا من دينه ، فهذا سيخرج من دون دين ، سيخرج منالحياة بدون دين ، لان الناس لا يرضيهم إلا أن يطيعهم الشخص وان يرضيهم على ما همعليه من الشر وعلى ما هم